نظرية عمل الأمير
تعرّف محكمة القضاء الإداري عمل الأمير بأنه كل إجراء تتخذه السلطات العامة، ويكون من شأنه زيادة الأعباء المالية، أو في الالتزامات التي ينص عليها العقد، مما يطلق عليه بصفة عامة المخاطر الإدارية، وهذه الإجراءات التي تصدر من السلطة العامة قد تكون من الجهة الإدارية التي أبرمت العقد، وقد تتخذ شكل قرار فردي خاص، وقد تكون بقواعد تنظيمية عامة أي أن محكمة القضاء الإداري تأخذ هنا بمعنى واسع لنظرية الأمير، إذ إنها تكتفي بصدوره عن سلطة عامة، وليس بلازماً أن تكون هذه السلطة العامة هي الجهة الإدارية المتعاقدة.
أما المحكمة الإدارية العليا، فتأخذ بمعنى ضيق لفكرة عمل الأمير، وتقرر المحكمة الإدارية العليا أن شروط نظرية فعل الأمير هي كالتالي:
1. أن يكون ثمة عقد من العقود الإدارية.
2. أن ينشأ عنه ضرر لا يشترط فيه درجة معينة من الجسامة.
3. أن يكون الفعل الضار صادراً من جهة الإدارة المتعاقدة.
4. افتراض أن الإدارة لم تخطئ حين اتخذت عملها الضار فمسئوليتها عقدية بلا خطأ.
5. أن يكون الإجراء الصادر من الإدارة غير متوقع.
6. أن يلحق المتعاقد ضرر خاص لا يشاركه فيه سائر من يمسه القرار العام.
وطبقاً لهذا التعريف، فإن عمل الأمير هو ، إذن، إجراء يصدر عن السلطة الإدارية المتعاقدة، ويكون من شأنه زيادة في الأعباء المالية للمتعاقد معها، وقد يأخذ هذا الإجراء شكل قرار فردي، أو شكل قاعدة عامة ومجردة تؤثر على العقد تأثيراً مباشراً أو غير مباشر، كأن تغير الإدارة في بعض شروط العقد، أو تصدر تشريعات تزيد من الرسوم الجمركية على مهمات أو مواد أولية يحتاج المتعاقد مع الإدارة، أو ترفع الحد الأدنى لأجور العمال، أو تنقص عدد ساعات تشغيلهم.
فللحصول أو بالمعنى الأخر لاقتضاء التعويض، يجب بدايةً أن يكون الإجراء صادراً عن السلطة الإدارية المتعاقدة، فإذا صدر هذا الفعل عن شخص معنوي عام – غير الذي أبرم العقد – تخلف أحد شروط نظرية فعل الأمير، وامتنع، بالتالي، تطبيق أحكامها.
يجب أن يكون أيضاً أن يكون الإجراء غير متوقع، فإذا صدر قانوناً خلال تنفيذ العقد يقضي برفع الرسوم الجمركية، مما يسبب ضرراً للمتعاقد مع الإدارة، إلا أنه لما كان طرفا العقد قد توقعا صدور مثل هذا القانون ووضعا نصاً ليحكم هذه الحالة، فإن هذا النص هو الذي يطبق دون نظرية عمل الأمير، حيث أنه لا يلجأ لنظرية عمل الأمير إلا في حالة طلب التعويض عن أمر غير متوقع وقت إبرام العقد.
كما أنه يشترط لقيام الحق في التعويض أو المطالبة بالتعويض تأسيساً على نظرية عمل الأمير يجب أن يترتب على الإجراء ضرر خاص بالمتعاقد مع الإدارة، والضرر الخاص يتحقق هنا إذا أصاب المتعاقد وحده دون مجموع الشعب، أو إذا أصابه بضرر من الجسامة، بحيث يتجاوز ما أصاب مجموع الشعب.
وعلى ذلك فإذا صدر تشريع يقرر زيادة في أعباء أصحاب العمل " أرباب الأعمال" عن عمال المقاولات وعمال التراحيل والعمال الموسميين الذين يستخدمونهم، وكان هذا القانون لم يقرر مثل هذه الأعباء على عاتق شركات المقاولات وحدها، ولكنه حمل بها أصحاب الأعمال جميعهم على اختلاف مستوياتهم وتباين أنشطتهم، ومن ثم لا يتوافر في هذا القانون وصف عمل الأمير، لأنه لم يلحق بهذه الشركات ضرراً خاصاً فالتشريع إذا كان عاماً لا يتصف بوصف عمل الأمير ولا يكون ثمة محل للتعويض أي ضرر يصيب الأفراد من تطبيقه، ولما كان قانون العمل – الذي تطلب الشركتان التعويض عما أصابهما من ضرر بسبب تطبيقه هو قانون عام لا يسري على الشركتين وحدهما، وإنما يتناول عدداً غير محدود من الأفراد والشركات والهيئات، فعلى مقتضى ما تقدم لا تستحق الشركتان تعويضاً عما أصابهما من ضرر بسبب تطبيقه.
فإذا توافرت شروط تطبيق نظرية عمل الأمير فإن القاعدة بالنسبة للتعويض هي إنه إذا لم يكن مقدار التعويض متفقاً عليه في العقد، فإن جهة الإدارة لا تملك أن تستقل بتقديره بل يقدره القاضي اعتباراً بأنه ينشأ عن تكاليف غير متوقعة.وإن محكمة القضاء الإداري إنما تقدر هذا التعويض طبقاً للقواعد المقررة في القانون الإداري في هذا الشأن وهو يشمل عنصرين، فما لحق المتعاقد من خسارة ويتضمن هذا العنصر المصروفات الفعلية التي أنفقها المتعاقد والثاني ما فات المتعاقد مع الإدارة من كسب اعتباراً بأن من حقه أن يعوض عن ربحه الحلال عن عمله ورأس ماله. وبذلك تضيف محكمة القضاء الإداري بأنه يتميز التعويض على أساس نظرية التوازن المالي وليس على أساس نظرية الظروف الطارئة وذلك في نظرية التوازن المالي تعويض شامل وغير جزئي أما في نظرية الظروف الطارئة فإن التعويض جزئي إنقاص الالتزام وليس إزالته