نظرية أعمال السلطة كمعيار للقانون الإداري
مضمون نظرية أعمال السلطة:
فحوى هذه النظرية أن الإدارة العامة تصدر نوعين من الأعمال، أو تمارس نوعين من الأنشطة.
النوع الأول : هو نشاط السلطة العامة ، حيث تبدو الإدارة العامة في مظهر السلطة العامة وتزاول أعمال الأمر والنهي والإجبار، فهي لا تتفاوض مع الأفراد، ولا تبرم معهم اتفاقات أو عقود، وإنما توجه إليهم أوامر يلزم عليهم تنفيذها وضوا بها حتى وإن لم يرضوا.
النوع الثاني: هو نشاط الإدارة العادية أو الإدارة المالية ، حيث تخلع عن نفسها ثوب السلطة العامة، ولا تلجأ إلى أسلوب الأمر والنهي في تعاملها مع الأفراد، بل هي تنزل منزلتهم وتستعين بالوسائل القانونية المتروكة لهم، ومظهر هذا النشاط هو العقود التي تبرمها الإدارة معهم.
ومعنى ذلك أنه إذا أتت الإدارة بعمل من أعمال السلطة – كأن تصدر لائحة، أو تأمر بإغلاق محل عاماً إدارياً، لمخالفته شروط الترخيص، أو فرقت مظاهرة لإخلالها بالنظام العام - فإنها تخضع لأحكام القانون الإداري الذي يطبقه قضاء مستقل عن القضاء العادي، وهو القضاء الإداري.
أما إذا أتت عملاً من أعمال الإدارة العادية – بأن لجأت إلى أسلوب العقد بدلاً من أسلوب الأمر والنهي – فإنها تضع نفسها، والحالة هذه، على قدم المساواة مع الأفراد، وتخضع مثلهم لأحكام القانون الخاص الذي يطبقه القضاء العادي.
هذا وقد سادت هذه النظرية سنوات طويلة، منذ بداية القرن التاسع عشر وحتى قيام الجمهورية الثالثة وتولى الدفاع عنها نخبة من أساتذة القانون الإداري في ذلك الوقت.
ونظرية إعمال السلطة وإن كانت بصفة أساسية من عمل الفقه، إلا أن تأثيرها لا ينكر على القضاء آنذاك، ولقد استفادت منها الأشخاص العامة المحلية حيث كان ينظر إليها آنذاك باعتبارها أشخاصاً خاصة، فقد استطاعت – بفضل هذه النظرية – أن تجد مدخلاً إلى نطاق القانون الإداري، وحماية القضاء الإداري