الحريات العامة وحقوق الانسان وضمانات ممارستها
مقدمة:
إن لموضوع الحقوق والحريات العامة أهمية بالغة تتمثل في أنها من بين الركائز التي يقوم عليها النظام الديموقراطي في العصر الحالي حيث أن هذه الأخيرة تطورت بتطور الأزمان والأذهان بسبب ثورة الشعوب على استبداد الحكام. فإعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والسلام في العالم الذي لا يكون إلا باعتراف وضمان شيء واحد هو "الحقوق والحريات" حيث كان للإسلام فضل سبق في إعلان وإظهار الحقوق والحريات بصفة عامة وإعلان مبدأ المساواة في الحقوق والتكاليف العامة في القرن السابع الميلادي أي منذ أكثر من 14 قرن من الزمن ثم نادت إعلانات ودساتير عدة في إنحاء العالم بالحقوق والحريات ودعت إلى ضمانها وإقرارها وخلال هذا يمكن أن نطرح عدة تساؤلات فما هي أهم الحقوق والحريات ؟ وما هي ضمانات حمايتها؟
]المبحث الأول
الحقوق والحريات العامة.أطلق على الحقوق والحريات في عصر ازدهار المذهب الفردي تسمية الحقوق والحريات الفردية على أساس أنها مقررة لتمتع الفرد بها وأطلق عليها كذلك الحقوق المدنية للدلالة على مضمونها وذلك لأن الفرد عضو في جماعة مدنية منظمة إلا أن التسمية أكثر تداولا في الدساتير الحديثة هي الحقوق والحريات العامة على أساس أنها تضمن إمتيازات الأفراد في مواجهة السلطات العامة و تضمن المساواة دون تمييز أو التفرقة بين المواطنين.
المطلب الأول: تعريف الحقوق والحريات.- تعريف الحقوق:
جمع حق. وقد حاولت المذاهب عدة ونظريات كثيرة تعريف الحق مثل المذهب الشخصي الذي عرف الحق بأنه قدرة أو سلطة إرادية تثبت للشخص ويستمدها من القانون وقد ُأنتقدت هذه النظرية بسبب أنها تربط الحق بالإرادة بينما قد يثبت الحق الشخصي دون أن تكون له بالإرادة. وعَرفه المذهب الموضوعي بأنه مصلحة يحميها القانون و ُأنتقدت أيضا هذه النظرية لأنها تعتبر المصلحة معيار لوجود الحق بينما الأمر ليس كذلك ونتيجة لإنتقادات الموجهة للنظريات السابقة ظهرت نظرية أخرى هي النظرية الحديثة في تعريف الحق ويُعرف أصحاب هذا المذهب الحق على أنه:" ميزة يمنحها القانون لشخص ما ويحميها بطريقة قانونية ويكون له بمقتضاها الحق في التصرف".
تعريف الحريات:جاء تعريف الحريات في الإعلان الفرنسي للحقوق والحريات صحيحا في معناه. فالحريات قوامها القدرة على عمل كل شيء لا يظر بالأخريين ولا تحدد ممارسة الحقوق الطبيعية لكل إنسان إلا بالحقوق التي ُتؤَمن للأعضاء الأخريين في المجتمع ولايجوزأن تحدد هذه الحدود إلا بالقانون.(2)
المطلب الثاني: الحقوق والحريات في الإسلام.
كان للإسلام فضل السبق في إعلان مبدأ المساواة في الحقوق والتكاليف العامة وفي إظهار الحقوق والحريات بصفة عامة في القرن السابع ميلادي حيث حدد حقوق الإنسان والحرياته أساسية ووضع الضمانات الكفيلة بحمايتها وقد كان السباق في ذلك قبل غيره إذ وجدت أساسها في القرآن الكريم وفي السنة النبوية الشريفة ثم تولى الفقه الإسلامي بيانها وتوضيح مفهومها ومضمونها وتحديد نطاقها كما أنها وجدت الحماية الكاملة في التطبيق العملي خاصة في العهد النبوي الشريف و في عصر الخلفاء الراشدين.
و الذي يعنينا في بحتنا هذا هو حقوق إنسان أو حقوق العبادة كما يسميها فقهاء الشريعة الإسلامية و من أهم هذه الحقوق سواء ما كان منها ينصب على كيان الإنسان نفسه و حياته.
- كحق الحياة: الذي هو حق كل إنسان في الوجود واحترام روحه وجسده ولقد حذر الله سبحانه و تعالي من ارتكاب جريمة القتل باعتبارها خطر علي سلامة و أمن المجتمع و هكذا حياة الإنسان مضمونة لقوله جلا و علا: " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاءه جهنم خالدا فيها و غضب الله عليه و لعنه وأعد له عذابا أليما".
- حق الأمن: و المقصود به حق الفرد فأن يعيش في أمان دون خوف أن يُقبض عليه أو يحبس كنتيجة لإجراءات تعسفية إذ أن ذلك لن يحدث إلا بناء على قرار هيئات قضائية.لقول الرسول صلى الله عليه و سلم "كل مسلم على مسلم حرام دمه و عرضه و ماله"
-حق المشاركة في الحياة السياسية: و ذلك في الإشتراك في الانتخابات و الاستفتاءات المتنوعة و كذلك حق الترشح للهيئات و المجالس المنتخبة لقوله تعالى "و شاورهم في الأمر"
- حق العمل: و يعني حق العمل لكل فرد في المجتمع في ممارسة عمل مناسب و ملائم لقدراته ُيكفل له العيش الكريم
- حق الملكية: حيث أن الشريعة قيدته بالزكاة و نهت عن الكسب من طريق غير الحلال.
أما الحريات وإذ كانت تعتبر إحدى خصائص الديمقراطية المميزة لها‘ سواء كانت حريات شخصية أو فكرية أو غيرها فإن الإسلام قد كمل هذه الحريات جميعا منذ بداية قيام الدولة الإسلامية على أساس كتاب الله و سنة رسوله و في حقيقة الأمر لا توجد مبالغة في قول بأن الإسلام دين حرية جاء ليقضي على الشرك و الوثنية و لينهي عبودية الأصنام و كذا عبودية الإنسان لأخيه الإنسان و أعطاه كرامته و حريته بالمساواة التامة و من أهم الحريات حرية العقيدة وحرية الرأي وحرية المسكن وكذا حرية التنقل لقوله تعالى:" هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها و كلوا من رزقه وإليه النشور".
المطلب الثالث: الحقوق والحريات في العصر الحديث وتقسيماتها
أطلق على الحقوق والحريات في عصر إزدهار المذهب الفردي تسمية الحقوق والحريات الفردية على أساس أنها مقررة لتمتع الفرد بها وأطلق عليها كذلك الحقوق المدنية للدلالة على مظمونها وذلك لأن الفرد عضو في جماعة مدنية ومنظمة إلا أن التسمية أكثر تداولا في الدساتير الحديثة هي الحقوق والحريات العامة على أساس أنها تضمن إمتيازات الأفراد في مواجهة السلطات العامة من الناحية وتمتع الأفراد بالمساواة دون تمييز أو تفرقة بين المواطنين وبقدر ما تنوعت الحقوق والحريات وتفرعت إلى شخصية فكرية -اقتصادية و اجتماعية بقدرها تعددت تقسيمات الفقهاء كتقسيم العميد "هوريو" و الفقيه "اسمان "في الفقه الحديث الأستاذ" جورج بوردو" ومن تم يتعين علينا دراسة أنواع الحقوق والحريات تعتبر مسألة شكلية إلى حد كبير إذ أن اختلاف التقسيمات لا يؤثر في القيمة والمضمون وتنطلق هذه التقسيمات من منطلق تجميع الحقوق والحريات في مجموعات رئيسية لتسهيل التعرف على مضمونها وسوف نذكر النصوص المتعلقة بالحقوق والحريات العامة التي تضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكذا نصوص دستور الجزائري لعام 1996.مع أن الجزائر و وفاءا منها تبنت الحقوق و الحريات في جميع دساتيرها منذ الاستقلال أي من دستور 1964 إلى غاية أخر دستور لها دستور 1996.