مبدأ المساواة أمام الوظائف العامة
يقصد بالمساواة أمام الوظيفة العامة أن يتساوى جميع المواطنين في تولي الوظائف العامة بمعاملتهم نفس المعاملة من حيث المؤهلات والشروط المتطلبة قانوناً لكل وظيفة، ومن حيث المزايا والحقوق والواجبات والمرتبات والمكافآت المحددة لها.
أولاً : المساواة والوظائف المحجوزة
على أنه لا يتعارض مع الالتزام باحترام مبدأ المساواة – في تولي الوظائف العامة – ما يقرره المشرع أحياناً من حجز لفئات معينة من الوظائف لأشخاص معينين بصفاتهم، لا بأسمائهم وذواتهم.
من قبيل ذلك ما نص عليه الدستور المصري في المـ15ـادة منه من أن " المحاربين القدماء والمصابين في الحرب أو بسببها ولزوجات الشهداء وأبنائهم الأولوية في فرص العمل وفقاً للقانون ".
وتطبيقاً لذلك قرر المشرع " تحدد بقرار من رئيس مجلس الوزراء الوظائف التي تحجز للمصابين في العمليات الحربية الذين تسمح حالتهم بالقيام بأعمالها، كما يحدد ذلك القرار قواعد شغلها، ويجوز أن يعين في هذه الوظائف أزواج هؤلاء المصابين أو أحد أولادهم أو أحد إخوتهم القائمين على إعالتهم، وذلك في حالة عجزهم عجزاً تاماً أو وفاتهم، إذا توافرت فيهم شروط هذه الوظائف، وكذلك الأمر للشهداء.
ثانياً : مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة
مبدأ المساواة أمام الوظائف العامة لا يحتم المساواة بين الرجل والمرأة في كافة الوظائف.
فإن المرأة تؤثر على الرجل في بعض الأعمال لما تتميز به المرأة من صفات خاصة، فإيثار المرأة على الرجل في هذه النواحي من النشاط لا يعد إخلالاً بمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة
ثالثاً : مبدأ المساواة والمساواة المادية بين أصحاب المؤهل الواحد
المساواة أمام الوظائف العامة لا تعني المساواة المادية بين أصحاب المؤهل الواحد: حيث أن أصحاب المؤهل الواحد قد يشغلون وظائف مختلفة من حيث متطلبات كل وظيفة، مما يترتب عليه التفرقة بينهم من حيث المعاملة المادية.
إن المساواة المقصودة في هذا الصدد وعلى ما هو ظاهر من نصوص الدستور هي المساواة في الحقوق والواجبات كتولية الوظائف العامة لا المساواة المادية لذوي المؤهل الواحد والمؤهلات المتشابهة في الدرجة والراتب رغم ما يكون بين بعضهم البعض من فوارق جمة في الكفاية ونوع العمل والتخصص وأتساع فرص الترقي في وزارة أو مصلحة أو قسم عنها في غيرها من الوحدات الإدارية الأخرى.
رابعاً : مبدأ المساواة وعدم التفرقة بين المواطنين ذوي الظروف المتماثلة
إذا كان ما سبق لا يتعارض مع مبدأ المساواة أمام الوظائف العامة، فإن هذا المبدأ يحتم عدم التفرقة بين المواطنين، ما دامت ظروفهم متماثلة، أمام الوظائف العامة، وفي ذلك تقوم محكمة القضاء الإداري في إحدى أحكامها " إن القول بأن العمدة المطعون ضده أعرابي يقيم في عزبة بعيداً عن القرية لا ينزع عنه صفة الجنسية المصرية، والدستور ساوى بين المصريين في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية، وفيما عليهم من واجبات والتكاليف العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الأصل أو اللغة أو الدين، وإقامته في عزبة لا تمنع من تعيينه عمدة، إذ العزبة تتبع القرية وله أملاك فيها تجعله على اتصال مستمر بها".
بل أن إعمال مبدأ المساواة يلزم الإدارة ببحث حالة كل من المتنافسين على الوظيفة بنفس الدرجة، فلا يجوز لها أن تبحث حالة أحدهما بعمق بحيث تقدم صورة حقيقية لصاحبها، وتبحث حالة الأخر بسطحية ، بحيث لا تقدم صورة صادقة له