الرقابة على اعمال الادارة العامة
مقدمة:
تعتبر الرقابة على اعمال السلطات الادارية من اهم الوسائل و الضمانات لتحقيق مبدا الشرعية في اي دولة مما يستوجب خضوع الادارة في كل اعمالها وتصرفاتها لاحكام القانون ولا تتضمن العملية الرقابية معنى واضحا ولذلك يرى البعض ان مفهومها هو مفهوم غير واضح ولا يزال محل خلاف وملرد ذلك هو تعدد صورها ووسائلها واهدافها واختلاف الفقه في النظر اليها .
المبحث الاول: اهداف الرقابة على اعمال الادارة
اذا كانت الادارة العامة تستهدف في القيام بنشاطاتها تحقيق المصلحة العامة فان الرقابة على هذه الاعمال ترمي الى تحقيق اهداف واغراض مختلفة باختلاف صور الرقابة والوسائل المستعملة واهم هذه الاهداف هي:
المطلب الاول:حماية المصلحة العامة
والمقصود بذلك حماية المصلحة في نطاق النشاظ المحدد للادارة.
المطلب الثاني:التاكد من شرعية العمل الاداري
ونعني بذلك الحرص على مدى شرعية العمل الاداري من الناحية القانونية ولان مخالفة المشروعية تفرض على الهيئة المعنية بالمراقبة التدخل لاصلاحها او ابطالها او الغائها او سحبها او تعديلها متى تتطابق مع القانون وتسايره اذ ان مبدا خضوع الادارة للقانون هو الضمانة والوسيلة الفعالة لاحترام مبدا الشرعية في الدولة والذي يعني التطابق بين اعمال الادارة وقوانين الدولة وتشريعاتها.
المطلب الثالث: تحقيق الملاءمة
باعتبار الادارة في اي دولة هي الاداة والوسيلة لتحقيق سياستها العامة فان الاعمال الادارية ينبغي ان تطابق السياسة العامة للدولة او الادارة.
المطلب الرابع: التعرف على مواطن الخطا وانحراف الاجهزة الاداري
وذلك بغية معالجتها عن طريق التوجه و الارشاد والاصلاح وحتى توقيع العقوبات اذا اقتضى الامر ذلك وللرقابة الرئاسية التي يمارسها الرئيس الاداري على مرؤوسيه وعلى اعمالهم دور بارز في هذا المجال.
المبحث الثاني: صور الرقابة على اعمال الادارة
تتخذ الرقابة على اعمال الادارة صورا مختلفة باختلاف الهيئة التي تباشرها و باختلاف طبيعة الرقابة فقد تكون هذه الرقابة سياسة يمارسها البرلمان او ادارية تمارسها الادارة او قضائية يمارسها القضاء.
المطلب الاول: الرقابة السياسية
وهي في الواقع من المواضيع الخاصة بالقانون الدستوري وهي في النظم البرلمانية اقوى منها في النظم الرئاسية وحتى داخل هذه النظم البرلمانية فهي مختلفة باختلاف تطبيقات النظام البرلماني ومن امثلتها مساءلة الوزراء بصفة منفردة او جماعية وقد تاخذ شكل سؤال مكتوب او تحقيقات برلمانية وقد تتمثل في التصويت على سحب الثقة او التصويت عليها للحكومة وقد تتحقق الرقابة السياسية عن طريق الافراد او الهيئات التي تنص الدساتير على حقها في تقديم العرائض الى البرلمان الذي له حق تشكيل لجان التحقيق وعن طريق المجالس الشعبية المنتخبة و النقابات العمالية .
المطلب الثاني: الرقابة الادارية
يترتب على مخالفة الادارة لمبدا المشروعية بطلان التصرف الذي خالف القانون و يختلف هذا البطلان بحسب جسامة و درجة مخالفته للنصوص القانونية كما يترتب على الاخذ بهذه القاعدة ضرورة وجود سلطة مختصة وفقا للقانون للقيام بمهمة رقابة التصرفات للتحقق من مشروعيتها وهذه السلطة هي الرقابة الادارية ومقتضى ذلك ان الجهة الادارية تقوم بمراجعة اعمالها فتسحبها او تلغيها او تعدلها وذلك حماية لحقوق الافراد وهذه الرقابة تختلف باختلاف العلاقة بين جهة الرقابة و الجهة محل الرقابة اي الخاضعة للرقابة فاذا كانت العلاقة وصائية فان الامر يختلف عن الحالة في الرقابة اذا كانت العلاقة رئاسية.
ففي الحالة الاولى نجد ان الجهة الادارية الممارسة للرقابة ليست رئيسا للجهة الخاضعة للرقابة فهذه الاخيرة مستقلة وتعمل باستقلال عن الجهة الممارسة للرقابة اي الجهة الوصية اما اذا كانت الجهة الممارسة لعملية الرقابة الادارية هي جهة رئاسية فانها تملك صلاحيات و سلطات لا نجدها في الاولى فهي تملك سلطة التوجيه و التعقيب وحق سحب الاعمال وحق تعديلها وحق العائها كما انها تراقب المشروعية و الملاءمة و تمارس الرقابة الادارية على اعمال الادارة سواء من تلقاء نفسها او بناء على تظلم من الافراد واذا كانت الرقابة الادارية التلقائية لا تثير اشكالا باعتبارها اختيارية و تقديرية فان التدخل و الرقابة بناء على تظلم الافراد يحمل السلطات التزاما قانونيا بممارستها والرد على صاحب الشان وذلك بقبول التظلم او رفضه وعدم قيامها بالرقابة يؤدي الى مخالفتها للقانون وعدم احترامها لمبدا المشروعية وتعرض عملها للطعن ويبنى هذا النوع من الرقابة على التضلم و الذي يتخذ اشكالا منها:
الفرع الاول : التظلم الولائي
وذلك بتقدم صاحب الشان بتظلمه الى مصدر القرار اي الموظف او الجهة التي اصدرت القرار مطالبا باعادة النظر في تصرف معين بقصد سحبه او الغاءه او تعديله مبينا الاسباب التي يستند اليها.
الفرع الثاني: التظلم الرئاسي
ويتظلم صاحب الشان الى رئيس مصدر القرار فيقوم الرئيس بناء على ما يملك من سلطة رئاسية بسحب االقرار او الغائه او تعديله حتى يكون مطابقا للقانون واكثر ملاءمة للسير الحسن للمرافق العامة وقد يتبنى الرئيس الاداري ممارسة هذه السلطة من تلقاء نفسه ودون تظلم .
الفرع الثالث: التظلم الى لجنة ادارية خاصة
وقد تتشكل لجنة ادارية من عدة موظفين اداريين على درجة عالية من الكفاءة و الخبرة للفصل في التظلمات و هذه اللجان الادارية هي لجان تنص عليها القوانين وفي حالات معينة ومحددة.
المطلب الثالث: الرقابة القضائية
ويقصد بها تلك الرقابة التي تمارسها الهيئات القضائية على اختلاف انواعها ودرجاتها سواء كانت ادارية او عادية وذلك عن طريق الدعاوى القضائية التي يحركها ذووالشان للمطالبة بالغاء قرار اداري غير مشروع او المطالبة بالتعويض او الطالبة بحقوق تتعلق بعقود ادارية فما هي حدود هذه الرقابة؟
اذا كانت الرقابة الادارية يمكن ان تكون تلقائية فان الرقابة القضائية لا
تمارس الا بناء على دعوى يرفعها صاحب الشان ولا يمارسها القاضي من تلقاء نفسه غير انه متى طلب منه التدخل في الموضوع يصبح ملزما بالفصل فيه واصدار حكمه والا كان بصدد انكار العدالة.
ان رقابة القضاء لاعمال الادارة ليست منحصرة بالرقابة على القرارات الادارية دون غيرها فهي تمتد لتسحب على كل اعمال الادارة سواء كانت قرارات او عقود ادارية وحتى اعمالها المادية .
ان رقابة القضاء هي رقابة مشروعية و لا يجوز ان تتجاوزها الى الملاءمة فالقاضي لا يتدخل فيما يعود للسلطة التقديرية للادارة ولا يملك القاضي التدخل في اعمال الادارة ولا ان يباشر الاختصاصات الادارية نيابة عن الادارة او يصدر للاداة اوامر او نوهي.
كما يمكن للادارة استعمال امتيازانها دون اللجؤ الى القضاء فهي تتمتع بامتياز التنفيذ المباشر و اتخاذ اجراءات التنفيذ الجبري بنفسها ولا تكون ملزمة باللجوء الى القضاء سلفا للحصول على حكم نهائي يكون سندا لها في التنفيذ.