الدستور LA CONSTITUTION
معنى الدستور
للدستور معنيان: معنى موضوعي أو مادي ( MATERIAL )، وعنى شكلي أو رسمي ( FORMAL )، ويقصد بالمعنى الأول (أي المعنى الموضوعي) القواعد التي تعتبر في جوهرها وطبيعتها وموضوعها دستورية، كالقواعد التي تبين شكل الدولة نظام الحكم فيها وسلطاتها و الخ... من القواعد الدستورية موضوعا، والتي تكون بمجموعها موضوع ومادة القانون الدستوري، ولا فرق في ذلك بين أن تكون هذه القواعد محررة ومثبتة في وثيقة رسمية أم تكون غير محررة في وثيقة ما، إذ أن لكل دولة دستورا من الناحية الموضوعية (كما يقول الأستاذ فيدل) وإن لم يكن لها دستور من الناحية الشكلية (ونذكر على سبيل المثال – إنكلترا ) فهي وإن كانت لا تملك وثيقة رسمية تشتمل وتظم جميع القواعد الدستورية التي يقوم على أساسها نظامها، فأن لديها مع ذلك ومن دون شك دستورا من الناحية الموضوعية وهو دستور عرفي.
أما ما يقصد بالمعنى الشكلي ( FORMAL ) للدستور، فهو الوثيقة الدستورية الصادرة من سلطة مختصة والتي تظم القواعد الأساسية في تنظيم الدولة السياسي، وقد يتبادر للذهن تطابق هذين المعنيين ولكن الواقع غير هذا، فكثيرا ما تخلو الوثيقة الدستورية من بعض القواعد المتعلقة بنظام الحكم، على الرغم من أنها قواعد دستورية بطبيعتها، كقواعد الانتخاب مثلا، إذ يترك تنظيمها في الغالب لقوانين عادية هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فكثيرا ما يحدث أن تتضمن الوثيقة الدستورية قواعد لا تتصل من قريب أو بعيد بنظام الحكم، أي قواعد ليست بدستورية بطبيعتها وجوهرها وإنما تصبح قواعد دستورية من حيث الشكل بالنظر لدمجها في الدستور، وإنما تدرج في الدستور لكي تكتسب صفة الثبات والاستقرار التي تتميز بها القواعد والنصوص الدستورية، ولكي تنجو من رقابة القضاء حيث لا تمتد رقابته على النصوص الدستورية، بينما تمتد هذه الرقابة في كثير من البلاد لفحص دستورية القوانين.
ومن أمثلة ذلك ما تحتويه بعض الدساتير الملكية من نصوص خاصة بإدارة أو تصفية أموال الملك أو عائلته ومن ذلك المادة (168) من دستور سنة 1923 المصري والمتعلقة بتصفية أموال الخديوي، ولهذا النوع من المواد الدستورية شكلا حكم خاص في حالة انهيار الدستور بالثورة.
وأخير ينبغي أن لا يغرب عن بالنا ضرورة عدم الخلط بين المفهومين:
المفهوم القانوني للدستور ( CONCEPTION JURIDIQUE ) القائم على تعريفه تعريفا محايدا ( DEFINITION NEUTRE ) باعتباره مجموعة القواعد التي تعنى بتنظيم الدولة السياسي، أو بعبارة أخرى مجموعة القواعد التي ترسم حدود وقواعد انتقال السلطة من صاحبها الأصلي (الدولة) إلى عمالها المنفذين من هيئات وموظفين.
ELLE EST LE CANAL PAR LEQUEL LE POUVIOR PASSE DE SON TITULAIRE, L'ETAT ASES AGENTS D'EXERCICE.
والمفهوم السياسي المتأثر بفلسفة سياسية واجتماعية معينة.
نشأة الدساتير ونهايتها
Le modes detablissenent des constitutions ecrites
ذهب العلامة لافريير إلى تصنيف طرق أو أساليب وضع الدساتير إلى صنفين، الصنف الأول، وأسماه بالطرق الملكي
Modes monarchists detablissement des constitutions
وتشمل المنحة والعقد والصنف الثاني وأسماه بالطرق الديمقراطية:
Modes democratiques _detablisse ment des constitutions
وتشمل الجمعية التأسيسية Convention ou accemblee constituante والاستفتاء LE REFRENDUM .
ولقد نهج على منواله كثير من الشراح، إلا أننا لا نرى فائدة من هذا التصنيف،ونعتقد أن تعداد هذه الطرق أيسر وأبعد عن اللبس وهذه الطرق هي:
- طريقة المنحة Octrio وما هذه الطريقة في الواقع إلا تسجيل لمرحلة تاريخية انتقلت فيها الملكيات، من ملكية مطلقة Monarchie absolue إلى ملكية مقيدة Monarchie Limitee يتنازل فيها الحكام (ملوكا أو أباطرة أو أيا كانت ألقابهم) عن بعض سلطانهم وامتيازاتهم للأمة، ويكون هذا التنازل بدستور يمنحه الحاكم للأمة، ومثال ذلك الدستور الفرنسي لسنة1814 والذي كان منحة من لويس الثامن عشر، وكذلك الدستور الايطالي لسنة1848 والذي كان منحة من الملك شارل البرت الى سردينا،والدستور الياباني سنة 1889 والذي كان منحة من الميكادو، والدستور الروسي لسنة1906 ،والدساتير المصرية لسنة1923، ولسنة1930 ،ولسنة1934 ، ولسنة1935 ،والدستور اليوغوسلافي لسنة1931 والذي كان منحة من الملك الكسندر، ودستور الحبشة لسنة1931 ،ودستور موناكو لسنة1911 .والمفروض في هذه الطريقة أن صاحب السلطان حين يتنازل عن بعض سلطاته فإنما يتنازل عنها بمحض اختياره أما الواقع فعكس ذلك،إذ أنه إنما يتنازل لإنقاذ موقفه المتأزم وتحت ضغط مطالبة الأمة بحقوقها، ولهذا فمن المتفق عليه أنه بعد صدور الدستور(الممنوح)لا يستطيع الحاكم أو الملك بمفرده إن يسحبه لتعلق حق الأمة به، إذ الأصل إن الأمة هي صاحبة السيادة، وهي التي يحق لها أن تحكم نفسها، فان أغتصب حقها من قبل الملوك أو الحكام ثم رد ما اغتصب منها إليها فلا يجوز الرجوع به لان ذلك يعتبر تجديدا للغصب.
2- طريقة التعاقد على الدستور بين الحاكم و الشعب Le pacte
يصدر الدستور وفقا لهذه الطريقة بنتيجة الاتفاق بين صاحب السلطان ملكا أو حاكما وبين الشعب،
ومن أمثلة هذه الدساتير: الميثاق الأعظم الانجليزي Magna carta لسنة1215 فلقد أرغم الإشراف والنبلاء الملك على التنازل عن بعض سلطاته وامتيازاته في الميثاق والذي لا يزال يعتبر جزءا من دستور انكلترا العرفي. وكذلك الدستور الفرنسي لسنة1830 والذي جاء على اثر ثورة تموز ضد الملك شارل العاشر الذي تنكر للدستور فاضطرته الثورة للتنازل عن العرش،ثم حصل التعاقد بعد ذلك بين نواب الأمة الذين اجتمعوا ووضعوا مشروعا لدستور جديد ( بالرغم من أن مجلسهم كان منحلا) وافق الدوق أورليان والذي أصبح بعد ذلك ملكا على فرنسا باسم لويس فيليب. ومن الطريف ذكره انه حين حضر الدوق اورليان قاعة الاجتماع في 14 آب سنة1830 لم يعتل العرش وإنما أخذ مكانه إلى جنبه حتى انتهى من سماع النصوص الدستورية ومن ثم أعلن موافقته عليها وأقسم اليمين باحترامها واعتلى العرش بعد ذلك، ومن هذه الإجراءات استفاد الفقهاء الصفة التعاقدية للدستور.
وقد انتقدت طريقة التعاقد لوضع الدساتير باعتبارها تقوم على إشراك الحاكم بالسيادة التي تعود في الأصل للأمة وحدها.