الحماية القانونية للمال العام في مواجهة الأفراد
ثمة أساليب عديدة تكفل حماية المال العام في مواجهة الأفراد.
(1) فالأموال العامة لا يجوز تملكها بالتقادم ، ذلك أنه لما كان المال العام لا يجوز التصرف فيه بنقل ملكيته للأفراد، فمن باب أولى، لا يجوز لهؤلاء اكتساب ملكيته بالتقادم، وبعبارة أخرى، إن المشرع حرم نقل ملكية المال العام إلى الأفراد، أياً كانت وسيلة ذلك النقل.
وعلى ذلك، إذا وضع الأفراد يدهم لفترة معينة، مهما طالت، على جزء من المال العام للإدارة ، فإن الإدارة تستطيع حينما تنتبه استرداد هذا المال.
إضافة إلى ذلك، إن مبدأ الالتصاق – يعني دمج الأموال الأقل أهمية في الأموال الأكثر أهمية التي تلتصق بها إذا أختلف المالكون لهذه الأموال لا يسري على المال العام، حيث أن القاعدة أن المال الخاص هو الذي يتبع المال العام وليس العكس.
كذلك أن الدفع بعدم جواز تملك المال العام بالتقادم دفع مقصور على الإدارة وحدها دون الأفراد، وعلى ذلك إذا ثار نزاع بين شخصين على قطعة أرض، ودفع أحدهما – بهدف استبعاد دعوى الحيازة المرفوعة عليه من خصمه – بأن هذا الأخير يحوز الأرض حيازة مؤقتة حيث أنها جزءاً من المال العام، ففي هذه الحالة، ليس للقاضي أن يقبل هذا الدفع منه، لأن الإدارة ، فقط، هي التي يكون لها أن تدفع بذلك.
(2) والأموال العامة لا يجوز الحجز عليها، فالحماية المقررة لها –التي منعت الإدارة من التصرف فيها أو كسب ملكيتها بالتقادم – تحول أيضاً دون الحجز عليها، لأن هذا الإجراء يؤدي في النهاية إلى نزع ملكية المال جبراً عن الإدارة وبيعه، كما يحدث للأموال المملوكة للأفراد.
ومن مقتضى ذلك، أنه لا يجوز إثقال المال العام بحقوق عينية تبعية ضماناً للديون التي تشغل ذمة الشخص العام كالرهن الرسمي أو الحيازي، حيث أن فائدة هذه الحقوق العينية تظهر عندما تباع أموال المدين – المحملة بها- جبراً، لأن الدائن ذا الحق العيني له الأفضلية على الدائنين الشخصيين، وهذا غير ممكن تحقيقه فيما يتعلق بالأموال العامة التي لا يمكن بيعها جبراً، إضافة إلى كل ذلك، إن القاعدة العامة التي تفترض ملاءة الدولة والأشخاص العامة – تعني حصول دائنيهم على حقوقهم كاملة.
(3) ولم يكتفي المشرع بصورتي الحماية السابقتين للمال العام في مواجهة تصرفات الأفراد، بل إنه ذهب إلى حد فرض عقوبات جنائية عديدة لمجرد الاعتداء عليه أي على المال العام، حتى ولو كان هذا الاعتداء غير جسيم.
إلا أن هذه الحماية الجنائية لا يجمعها تشريع واحد، ولكنها مبعثرة في قانون العقوبات، وغيره من القوانين، والقرارات اللائحية المختلفة.
(4) وأخيراً يجب القول أن المشرع المصري مد حمايته خارج نطاق أموال الإدارة التي يعتبرها أموالاً عامة، لتشمل أموالها الخاصة، سواء كانت هذه الحماية مدنية، أو جنائية
الحماية القانونية للمال العام في مواجهة الإدارة
أولاً : حماية المال العام في مواجهة الإدارة
تتحقق حماية المال العام في مواجهة الإدارة بتقرير قاعدة عدم جواز التصرف في المال العام بأي حال من الأحوال وتحت أي ظروف من الظروف، وإذا تم ذلك وقع باطلاً. ويشمل ذلك التصرف المقابل (بالبيع مثلاً)، أو بدون مقابل أي مجاناً (عن طريق الهبة) ، وهكذا، فقاعدة عدم جواز التصرف في المال العام تشكل قيداً على سلطة الشخص الإداري الذي يتبعه هذا المال، وبناءً عليه، لو تصرفت الإدارة خطأ في مال منقول يدخل في طائفة الأموال العامة كتحفة أثرية مثلاً، فإن للإدارة أن تسترد هذه القطعة الأثرية في الوقت الذي تشاء، وليس للمشتري أن يحتج في مواجهة الإدارة بقواعد القانون المدني، وخصوصاً قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية، حيث أن هذه القاعدة تفترض جواز التصرف في المال، وانتقاله من ذمة إلى ذمة أخرى، مما يتنافى والقواعد المقررة لحماية المال العام.
وإيضاحاً لهذه القاعدة يلزم الإدلاء بالملاحظات التالية:
(أ) إن ثمة تصرفات تجريها الإدارة، ولا تشكل مساساً بتخصيص الأموال – محل التصرف – للمنفعة العامة، ومن الأمثلة على ذلك المبادلات التي تتم بين مختلف الأشخاص العامة بشأن عين من أعيان المال العام، فينتقل المال العام، مثلاً، من شخص إلى الدولة أو من الدولة إلى الشخص.
ومنها أيضاً، منح امتياز مرفق عام يكون محله المال العام، أو منح الأفراد حق استعمال المال العام استعمالاً خاصاً ينطوي على حرمان غيرهم من الانتفاع بالجزء المخصص من المال العام، كما هو الشأن في حالة حصول فرد على ترخيص بإقامة كازينو على شاطئ البحر مما يتضمن حرماناً للمصطافين من استعماله.
كما من الملاحظ أن مثل هذه التصرفات، منح امتيازاً أو الترخيص باستعمال خاص لمال عام، تختلف اختلافاً جوهرياً عن التصرف في المال العام، حيث أن التصرف في المال العام يعنى التنازل النهائي عن هذا المال والتخلي عنه وهو أمر متسم بطابع الدوام والاستقرار مما يتنافى وقابلية المرافق العامة للتغيير والتعديل في كل وقت، في حين أن التصرفات من النوع الأول تتسم بطابع مؤقت وعابر وهي عبارة عن الانتفاع، وتملك السلطة العامة فسخها في الوقت الذي تشاء.
(ب) إن قاعدة عدم جواز التصرف في المال العام تبقى صحيحة منتجة لأثارها ما دام المال مخصصاً للنفع العام، ولكن إذا جرد المال العام من صفة العمومية، وذلك بوضع حد لتخصيصه للنفع العام بالأداة القانونية المختصة أو بالفعل، فإن التصرفات الخاضعة للقانون المدني من بيع ورهن وإيجار يمكن أن تطبق عليه.
(ج) وأخيراً، إن قاعدة عدم جواز التصرف في المال العام تسري على جميع الأموال العامة دون تمييز بين ما هو عقاري وما هو منقول. ويلاحظ أن قاعدة جواز عدم التصرف في المال العام من القواعد المستقرة.
ثانياً: حماية المال العام في مواجهة الأفراد
ثمة أساليب عديدة تكفل حماية المال العام في مواجهة الأفراد.
(1). فالأموال العامة لا يجوز تملكها بالتقادم ، ذلك أنه لما كان المال العام لا يجوز التصرف فيه بنقل ملكيته للأفراد، فمن باب أولى، لا يجوز لهؤلاء اكتساب ملكيته بالتقادم، وبعبارة أخرى، إن المشرع حرم نقل ملكية المال العام إلى الأفراد، أياً كانت وسيلة ذلك النقل.
وعلى ذلك، إذا وضع الأفراد يدهم لفترة معينة، مهما طالت، على جزء من المال العام للإدارة ، فإن الإدارة تستطيع حينما تنتبه استرداد هذا المال.
إضافة إلى ذلك، إن مبدأ الالتصاق – يعني دمج الأموال الأقل أهمية في الأموال الأكثر أهمية التي تلتصق بها إذا أختلف المالكون لهذه الأموال لا يسري على المال العام، حيث أن القاعدة أن المال الخاص هو الذي يتبع المال العام وليس العكس.
كذلك أن الدفع بعدم جواز تملك المال العام بالتقادم دفع مقصور على الإدارة وحدها دون الأفراد، وعلى ذلك إذا ثار نزاع بين شخصين على قطعة أرض، ودفع أحدهما – بهدف استبعاد دعوى الحيازة المرفوعة عليه من خصمه – بأن هذا الأخير يحوز الأرض حيازة مؤقتة حيث أنها جزءاً من المال العام، ففي هذه الحالة، ليس للقاضي أن يقبل هذا الدفع منه، لأن الإدارة ، فقط، هي التي يكون لها أن تدفع بذلك.
(2). والأموال العامة لا يجوز الحجز عليها، فالحماية المقررة لها –التي منعت الإدارة من التصرف فيها أو كسب ملكيتها بالتقادم – تحول أيضاً دون الحجز عليها، لأن هذا الإجراء يؤدي في النهاية إلى نزع ملكية المال جبراً عن الإدارة وبيعه، كما يحدث للأموال المملوكة للأفراد.
ومن مقتضى ذلك، أنه لا يجوز إثقال المال العام بحقوق عينية تبعية ضماناً للديون التي تشغل ذمة الشخص العام كالرهن الرسمي أو الحيازي، حيث أن فائدة هذه الحقوق العينية تظهر عندما تباع أموال المدين – المحملة بها- جبراً، لأن الدائن ذا الحق العيني له الأفضلية على الدائنين الشخصيين، وهذا غير ممكن تحقيقه فيما يتعلق بالأموال العامة التي لا يمكن بيعها جبراً، إضافة إلى كل ذلك، إن القاعدة العامة التي تفترض ملاءة الدولة والأشخاص العامة – تعني حصول دائنيهم على حقوقهم كاملة.
(3). ولم يكتفي المشرع بصورتي الحماية السابقتين للمال العام في مواجهة تصرفات الأفراد، بل إنه ذهب إلى حد فرض عقوبات جنائية عديدة لمجرد الاعتداء عليه أي على المال العام، حتى ولو كان هذا الاعتداء غير جسيم.
إلا أن هذه الحماية الجنائية لا يجمعها تشريع واحد، ولكنها مبعثرة في قانون العقوبات، وغيره من القوانين، والقرارات اللائحية المختلفة.
(4). وأخيراً يجب القول أن المشرع المصري مد حمايته خارج نطاق أموال الإدارة التي يعتبرها أموالاً عامة، لتشمل أموالها الخاصة، سواء كانت هذه الحماية مدنية، أو جنائية