أقسام الدعوى القضائية

أقسام الدعوى القضائية
إن القضاء يمتاز على المرافق الأخرى بالدولة بأنه لايباشر نشاطه من تلقاء نفسه بل لابد أن يطلب منه ذلك من أصحاب الشأن،فالقضاء لايوزع الحماية القضائية تلقائياً،وإنما يقوم بذلك استجابة لحاجة تعرض عليه من طالبي الحماية وتتم استشارة القضاء بإحدى وسيلتين إما بطريق الدعوى وإما بطريق العريضة.
والدعوى هى الوسيلة المعتادة للالتجاء إلى القضاء،وإن النشاط القضائي يتركز أساساً في الدعوى،وما ينشأ عن رفعها إلى القضاء من خصومة وفقاً لأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية،وتظل دعاوى الأحوال الشخصية خاضعة لقانون خاص هو قانون إجراءات المحاكم الشرعية رغم إلغاء المحاكم الشرعية بقانون توحيد القضاء.
إن المشرع الليبي لم يعرّف الدعوى ولم يخصص لها تنظيماً مناسباً،بل ترك المسألة لعناية الفقه والقضاء،على الرغم من استقلال الدعوى عن الحق،فإن العلاقة التاريخية بينها لم تندثر وقد لاتندثر،وإذا كان الفقه التقليدي يقسم الدعوى من خلال تقسيمات الحق بالنظر إلى طبيعة الحق أو بالنظر إلى محل الحق،فإن الفقه الحديث الذي لاحظ بحق قصور التصنيف التقليدي لإغفاله طائفة الحقوق غير المالية.
-تقسيم الدعاوى بحسب طبيعة الحق فتنقسم إلى حق شخصي وحق عيني أي-دعوى عينية ودعوى شخصية ودعوى مختلطة.
أما عن الدعوى العينية فهي التي يكون موضوعها حماية حق عيني ومثالها دعوى الملكية-دعوى الاستحقاق-دعوى الارتفاق-دعوى الرهن،والدعاوى العينية كالحقوق التي تستند عليها محددة وقابلة للحصر.
-أما الدعوى الشخصية فهي الدعوى التي تستند إلى حق شخصي ومثالها دعوى المطالبة بالدين،وعلى خلاف سابقتها فإنه من غير الممكن حصر مثل هذه الدعاوى بالنظر إلى أن الحقوق الشخصية تخضع لحرية الاتفاق،فتكون مثلها غير قابلة للحصر.
-أما الدعوى المختلطة هي الدعوى التي تستند في آن الوقت إلى حقين أحدهما شخصي والآخر عيني ناشئين عن عملية قانونية واحدة ومثالها الدعوى التي يرفعها المشتري العقار بعقد مسجل على البائع لمطالبته بتسليم هذا العقار فالمشتري يستند إلى الملكية ويستند إلى حقه العقدي في إلزام الطرف الآخر بتنفيذ العقد،وكذلك الشأن في دعوى إبطال أو فسخ العقد الناقل للملكية،فالمدعي يستند إلى حقه الشخصي في فسخ أو إبطال العقد للوصول إلى استرداد حقه العيني-الملكية.
-تقسيم الدعاوى بحسب محل الحق إلى دعاوى منقولة ودعاوى عقارية.
تكون الدعوى منقولة إذا كان محل الحق الذي تحميه مالا منقولاً وتكون عقارية إذا كان هذا المحل عقاراً،والدعاوى المنقولة تعتبر حجر الأساس في هذا التقسيم ،لأن كل مالا يعتبر عقارا بالطبيعة أو بالتخصيص فهو منقول فالالتزام بعمل ولو تعلق بعقار كالصيانة أو البناء-يعتبر في حكم المنقول والدعوى التي تحميه لها الطبيعة المنقولة.
وهذه الدعاوى شخصية وهي كذلك دائماً ولايمكن أن تكون منقولة أو عقارية،ذلك لأن محل هذه الدعوى هو رابطة قانونية لها ذات الطبيعة دائماً:فهي ليست سلطة على شيء مادي حتى توصف تارة بأنها منقولة وتارة بأنها عقارية بالنظر إلى محلها.. أما المشرع فلم يلتزم بهذا المنطق واعتبر ما عدا الحقوق العينية العقارية مالا منقولا.
والدعاوى العينية تنقسم إلى دعوى عينية عقارية أي دعوى تستند إلى حق عيني على عقار كدعوى استحقاق العقار.
الدعوى العينية المنقولة أي الدعوى التي تستند إلى حق عيني على منقول.ومثالها دعوى استرداد المنقول والجدير بالتذكير أن هذه الفئة نادرة تجعل الحيازة في المنقول قرينة على الملكية.
الدعوى الشخصية العقارية هذه الدعوى نادرة جداً.والمثال الذي يضربه الفقه لها هو دعوى صحة ونفاذ التعاقد على عقار وهي الدعوى التي يرفعها مشتري العقار بعقد غير مسجل ليطالب فيها بإلزام البائع بتسجيل العقد.فهي شخصية لأن العقد غير المسجل لايولد إلا التزامات شخصية وهي عقارية أيضاً لأنها تهدف إلى تقرير حق عيني على عقار.
الدعوى الشخصية المنقولة وهي الدعاوى الأكثر شيوعاً في العمل لأنها ترمي إلى حماية حق شخصي على منقول،ومثالها دعوى المطالبة بدين نقدي.
أما التقسيم الحديث للدعوى فتنقسم إلى دعاوى عادية ودعاوى مستعجلة إن مناط تمييز الدعاوى المستعجلة عن الدعاوى العادية لايمكن في وجود محكمة خاصة أو ماهو أكثر من محــكـمــةيوكل إليها البت في هذه الدعاوى بل يمكن في وجود إجراءات خاصة تكفل توفير حماية وقتية للمدعي قبل فوات الأوان،فالدعوى العادية يفصل فيها بإجراءات عادية وينفذ الحكم فيها تنفيذاً عادياً كقاعدة عامة..
وتظل الدعوى دعوى عادية وإن نص القانون على نظرها على وجه السرعة.فهذا الوصف ليس من شأنه أن يغير من طبيعة الدعوى أو يخضعها للقواعد الخاصة بالدعوى المستعجلة.
تقسيم الدعاوى بحسب المطلوب الحكم به دعوى تقريرية ودعوى منشئة ودعوى الإلزام،قد يطلب المدعي مجرد تقرير وجود حق أو مركز قانوني معين أو نفيه وقد يذهب إلى أكثر من هذا ويطلب أمراً يترتب على تقريره تغيير مركز سابق أو إلزام المدعى عليه بأداء معين قابل للتنفيذ الجبري،ولهذا تنقسم الدعاوى بحسب ما يطلب الحكم به إلى دعاوى تقريرية،ودعاوى منشئة ودعاوى إلزام.
-الدعوى التقريرية هي التي يقتصر فيها المدعي على تأكيد وجود أو نفي حق أو مركز قانوني أو واقعة قانونية،دون إلزام المدعى عليه بأي أداء فالهدف الوحيد لهذه الدعوى هو تقرير وجود الحق أو المركز أو الواقعة أو على العكس تقرير عدم وجود حق أو مركز للمدعى عليها.
أمثلة للدعوى التقريرية:-دعوى إثبات النسب ودعوى إثبات الجنسية ودعاوى تقرير حق الارتفاق أو الانتفاع "صورة الإيجابية للدعوى التقريرية"وقد ترمي الدعوى إلى نفي حق أو مركز قانوني كدعوى نفي الارتفاق،ودعوى تقرير بطلان عقد باطل لتخلف ركن من أركانه..
-دعوى المنشئة هي التي يطلب فيها المدعي الحكم بإنشاء أو تعديل أو إنهاء مركز قانوني معين ومثالها دعوى المطالبة بتعديل الالتزام التعاقدي بسبب الاستغلال أو الظروف الطارئة وكذلك دعوى تعديل التعويض الاتفاقي ودعوى إشهار الإفلاس ودعوى النفقة وكذلك دعاوى الإبطال أو الفسخ والتطليق.
-دعوى الإلزام هي التي يهدف منها المدعي إلى الحصول على حكم بإلزام المدعى عليه بأداء معين يقبل التنفيذ الجبري فهدفها ليس طلب تقرير حق أو مركز قانوني ما،بل أيضاً المطالبة بإلزام المدعى عليه بالقيام بما امتنع عن أدائه أو الكف عن إثبات ماهو ممنوع منه.
ويمكن اعتبار هذه الدعوى أكثر الدعاوى شيوعاً في العمل وأمثلتها لاتقع تحت حصر دعوى المطالبة بمبلغ نقدي،دعوى التسليم،دعوى الإخلاء،دعوى التعويض عن الفعل الضار،وهذه الدعوى تفترض عدم قيام المدعى عليه-المدين المزعوم-بأداء واجبه ولو لم يصل الأمر إلى حد الاعتداء الفعلى.
إن تمييز الدعاوى بحسب المطلوب الحكم به له أهمية لاتنكر،ونكتفي هنا بالإشارة إلى أن الحكم الصادر في دعوى الإلزام هو وحده الذي له القوة التنفيذية.